لقد
تعرفت على شخصيته في فترات
من الزمن، وعلى مرحلتين
من العمر، الاولى، عندما كان يتصدر الاشراف على
تحرير جريدة (اخبار
الظهران) المتوقفة وكنت آنذاك،
أرأس تحرير (جريدة الفجر الجديد) المتوقفة
ايضا، وكان الاستاذ
الجهيمان يصول ويجول بصلابة الفولاذ في
صحيفة جريدته مطيحا بجدران التخلف
والجهل الفكري، رافعا
راية الحضارة الفكرية لتكون خفاقة في سماء
الوطن الغالي، وقد لمست من
قراءتي لما يكتبه وينشره
من فلسفة تبعد عن تقبل وهضم من يقطف ثمار الجمود
والتخلف، وكان اختياره
للفلسفة الواقعية بما يتفق
وروح العصر لدى القراء ومحبي الاطلاع، وتقبل
وهضم ما يدعو للبساطة
من الامور الفكرية التي تماشي بوضوح
تطور الحياة وتقدم البشرية، نحو
الافضل، لتلك الفلسفة
التي اختارها واطلق عليها فلسفة المعتدل
والمايل ، قريبة من الالتصاق بفهم
وتقبل للاحاسيس التي
مازال وقعها يرن في اسماع قرائه جعل البعض منهم
يتوهم بأنها مأخوذة من
افكار الكاتب والمفكر الفرنسي
(فولتير) او بما سمعه او قرأه عنه وانه لمح
لها في كتابه (ذكريات
باريس) التي زارها، وبما يشبه ما نادى
به المفكر والكاتب الفرنسي في
مقولته الشهيرة: (قد
اختلف معك في الرأي ولكني ادافع عن حقك في ان تبدي
رأيك)!! لكني لم أخذ
بذلك الرأي إلا بعد دراسة دقيقة
لذلك الكتاب الذي الفه الشيخ عبدالكريم عن
زيارته
لفرنسا. والمرة الثانية التي التقيت به في اصعب
الصدف والمواقف، ما
ذكرني ذلك اللقاء بما يشبه شخصية
تاريخية لاحد الفقهاء الكبار بمن اشتهر
بعمق الفكر والمعرفة،
والنزاهة شيخ الاسلام (ابن تيمية) رحمه
الله، عندما جُرم رغم نزاهته
ومركزه وتمسكه بالعقيدة
الاسلامية، دون ان يشفع له صدقه وشجاعته في ذلك
الموقف الذي له صلابة
الفولاذ لقوة ايمانه، في دفاعه
عن تلك التهمة التي هزم بها خصومه
المغرضين. فاذا
كانت فرنسا، تفاخر بشخصية فيلسوفها ومفكرها ومواقفه
الجريئة من اجل تحرير
الفكر والدفاع عن حق الانسان،
ألا يحق لنا ان نفاخر بشخصية كاتبنا الحر،
والمخلص لدينه ووطنه،
بما نشره لاهم تأليف يحتوي بالقصص
(الفلكلورية) والشعبية في المملكة
العربية السعودية
والخليج العربي مما دفع (مركز البحوث الاستراتيجية
في الاتحاد السوفيتي)
بالمبادرة بترجمة ونشر ذلك
التأليف الهام الذي يحتوي على مجموعة من
السباحين، والحزاوي
ومختلف القصص الواقعية والخيالية مما جعل
الكثيرين من الادباء والمثقفين
والقراء عندنا ان
يفاخروا بتلك الشخصية فقد تناولت مجلة (النص الجديد)
للثقافة والابداع
السعودية التي تنشر خارج المملكة
في العدد الثامن لشهر ديسمبر 1998 لاكثر
من كاتب وأديب سعودي
تحت عنوان (سادن الاساطير) وبتقديم اكثر
من حوار وبحث عن الاستاذ والشيخ
عبدالكريم الجهيمان
زاده الله مزيدا في العمر والصحة والنشاط، وكان لي
شرف المشاركة في
الكتابة عن ذلك الموضوع، مؤكدا، بأن
الاستاذ الجهيمان يعد احد اساتذة هذا
الجيل الصاعد، الذي
عاصر الحياة، الاجتماعية والفكرية، حلوها
ومرها، خلال عمره المديد، متصديا
للعواصف والتيارات
والمتاعب بصلابة وقوة، وفي كفاح مستمر، دفاعا عن
قداسة الحرف والكلمة،
متصديا للعواصف والمتاعب
بصلابة وقوة الفولاذ، دون ان يملك سلاحا في يده
ما عدا ذلك القلم
المبدع والجريء لينقل للقارىء، ما
يدور في خلجاته وفي حصيلته الفكرية، بما
يعود، ويجود على
الوطن والانسان، ما يحرره من الجهل والتخلف،
آخذا بيده نحو الطريق السليم
الذي يوصله ويقربه الى
الحياة الكريمة، مرفوع الرأس، نحو التقدم الى
الأمام.